اختتام الدورة الرابعة لملتقيات الشعر الجهوية (جهة كلميم واد نون) أجيال وتجارب شعرية تلتقي بفضاء دار الشعر بمراكش ومحاورات حول “تدريسية النص الشعري”
اختتام الدورة الرابعة لملتقيات الشعر الجهوية (جهة كلميم واد نون)
أجيال وتجارب شعرية تلتقي بفضاء دار الشعر بمراكش ومحاورات حول “تدريسية النص الشعري”
احتضن المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بكلميم، صباح يوم الخميس 21 مارس، فعاليات المنتدى الحواري “الشعر والتربية: ديداكتيك النص الشعري”، والتأم ثلة من الباحثين والأساتذة، ضمن لحظة حوارية تفاعلية في افتتاح فعاليات الدورة الرابعة لملتقيات الشعر الجهوية، والتي تنظمها دار الشعر بمراكش وتندرج ضمن تظاهرة: “ست جهات.. ست ملتقيات شعرية”، واحتضنت جهة كلميم واد نون دورتها الرابعة، احتفاء باليوم العالمي للشعر، وبتنسيق خلاق مع المديرية الجهوية لقطاع الثقافة جهة كلميم واد نون. وشهدت فعاليات الدورة الرابعة تنظيم قراءات شعرية وفقرات موسيقية وندوة محورية ترتبط بأسئلة الشعر والتربية وتدريسية النص الشعري، ومعرض لإصدارات دار الشعر بمراكش ودائرة الثقافة بالشارقة، وحفل تكريم الناقد إدريس الناقوري، والباحثة الدكتورة العزة بيروك.
وتندرج هذه البرمجة الجديدة، والتي أطلقتها دار الشعر بمراكش سنة 2021 في دورة أولى، ضمن تظاهرة “ست جهات.. ستة ملتقيات شعرية جهوية”، للاحتفاء بالشعر المغربي وبالشعراء المغاربة، بمزيد من الانفتاح على حساسيات وتجارب القصيدة المغربية الحديثة، وعلى مختلف أنماط الكتابة الشعرية، وبانفتاح بليغ على مختلف التجارب الشعرية وأجيالها المشكلة لشجرة الشعر المغربي الوارفة. مبادرة ثقافية تسعى الى الاحتفاء بالتنوع الثقافي المغربي، وتشجيع وتحفيز الأصوات الشعرية الجديدة، وتوسيع قاعدة الفعل الثقافي في اعتماده على القرب، ومد إشعاع الدار الى مختلف الجهات الترابية التابعة لها.
ست جهات مغربية جنوبية، ستشهد ملتقيات شعرية جهوية، في مبادرة نوعية غير مسبوقة، تسعى الى خلق تقاليد ثقافية جديدة تتناسب وراهن المشهد الثقافي اليوم في المغرب، ولتجسير الهوة بين الشعر ومتلقيه. واحتضن المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بكلميم، الخميس 21 مارس، ضمن فقرة منتدى الملتقى: محاورات عرفت مشاركة ثلة من الباحثين: بوزيد الغلى، محمود جدي، العزة بيروك، مراد المتيوي. ويأتي هذا المنتدى الحواري، لهذه التظاهرة الشعرية، استمرارا للحوار المعرفي المفتوح، الذي أطلقته دار الشعر بمراكش، السنوات الماضية ضمن الدورات السابقة. كما شكل هذا اللقاء مناسبة قارب خلالها المشاركون العلاقة بين الشعر والتربية، وبحث آليات تدريس النص الشعري بالمؤسسات التعليمية، وتسليط الضوء على الأهمية التي تكتسيها القصيدة في المنظومة التربوية.
وأكد مدير دار الشعر بمراكش، عبدالحق ميفراني، في افتتاح الفعاليات، أن هذا المنتدى الحواري يشكل مناسبة لمقاربة موضوع راهني يهم علاقة الشعر بالتربية، مضيفا أن هذا اللقاء هو أيضا فرصة بالنسبة للباحثين لسبر أغوار هذا العلاقة وبسط طرق تدريسية النص الشعري، بما يفتحه على قيم الشعر في علاقتها بالناشئة وبمجالات التربية والتعليم ومن جانبه أبرز مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، عبدالجليل شوقي، أهمية احتضان المركز لهذا الملتقى الثقافي الذي يشكل فرصة بالنسبة للمتدربين والمتدربات لفتح آفاق من أجل التفكير في موضوع تدريس النص الشعري وتنمية التربية الجمالية والذوقية، “وهو موضوع يكتسي أهمية بالغة على اعتبار أن النص الشعري هو من الكفايات المهمة التي نسعى إلى إرسائها لدى المتدربين بالمركز الجهوي.”
وتوقف الباحثون خلال هذا اللقاء الذي عرف حضور عدد من المتدربين والمتدربات وأطر تربوية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، عند أهمية تدريس القصيدة بالمؤسسات التعليمية، والصعوبات التي تعيق التلميذ في تلقي النص الشعري وكيف يمكن تجويد عملية تدريس هذا النص وتلقيه. وفي هذا السياق، أكدت الباحثة العزة بيروك، في مدخلة حول أهمية وجود الشعر الحساني في منظومة التربية والتكوين، على أهمية إدراج القصائد الشعرية في المقررات الدراسية ومنها الشعر الحساني من أجل حماية التراث الحساني والحفاظ على هويته من الاندثار، داعية الباحثين والمهتمين إلى إصدار معاجم حسانية، وكذا البحث والتنقيب عن الشعراء المغمورين وتدوين أعمالهم في هذا المجال من أجل استثمارها والاستفادة منها في الدراسة.
من جانبه، توقف الباحث بوزيد لغلى، في مداخلته عند مدى إمكانية رسم خارطة طريق لتدريس الشعر الحساني في المؤسسات التعليمية والجامعية، متطرقا بهذا الخصوص، إلى عدة مميزات يتسم بها هذا الشعر منها أنه ملتصق ببيئته، وأنه وضع خرائط ذهنية تشمل وصفا طبوغرافيا لتضاريس الصحراء، كما أن هذا الشعر يجمع بين الطقوسية (عروض الشعر) والسردية (سرد الأحداث)، وأشار الباحث إلى أن مفتاح دراسة الشعر الحساني في المؤسسات التعليمية والجامعية هو تبسيط قواعده لاسيما وأن هذا الشعر يلقى اهتماما كبيرا من قبل المؤسسات العلمية بالمغرب وخارجه، ومنها أكاديمية المملكة المغربية التي كان لها حظ من المساهمة في نشر الشعر الحساني حيث أصدرت السنة الماضية بخصوص الشعر النسائي الحساني كتاب “التبراع”، بالإضافة إلى اهتمام جامعات دولية بالشعر الحساني ومنها جامعات إسبانية. وخلص الباحث إلى أن تدريس الشعر الحساني يجب أن يكون ضمن مشروعين، أحدهما بيداغوجي يضم معجم ديداكتيكي يعنى بتنظيم المعارف الحسانية، والآخر بيداغوجي يهتم بانتقاء المفاهيم الحسانية.
أما الناقد الدكتور مراد المتيوي، الباحث في التواصل وتحليل الخطاب، فتطرق إلى مصطلح “الشعرية”، وعلاقة النص الشعري المدرسي وطرق تلقيه وتدريسه، وكذا المراحل التي يجب أن تمر منها القصيدة من أجل أن يفهمها التلميذ وتجعله شغوفا بقراءتها. فيما عرج في الجزء الثاني من مناقشته، على الصعوبات التي يكتسيها تدريسية النص الشعري، في ظل المنظومة التربوية الحالية، والتي طالب بإعادة مراجعتها على ضوء ما تشهده اليوم.
وعن ديداكتيك النص الشعري بين حرية الجمالي وصرامة التربوي، قدم الباحث الدكتور محمود جدي مداخلته التي سعت الى إلى مساءلة النص الشعري عن حدود كل من الجمالي الفني والتربوي الغائي المتعلق بأهداف التدريس أولا، وأهداف المدرسة أخيرا. ذلك أن تمكين التلاميذ من تذوق النصوص الشعرية، والإنتاج على منوالها، لابد أن يتقيد بحدود الديداكتيك وشروطه، وأهمها التخطيط المسبق لحصة الدرس الشعري التي ترمي إلى تحقيق أهداف محددة تنتقل من الهدف الإجرائي، إلى غايات التربية؛ وذلك بالاستعانة بأنشطة ووسائل منها الكتاب المدرسي، وضمنه النص الشعري، ترى هل يستقيم هذا؟ أم أن حرية النص الشعري، وطبعه الحر المتنطع عن الإكراه قد يقود إلى الخروج عن صرامة الديداكتيك؟ ولأجل تحقيق أهداف الدراسة عرج الباحث على المثلث الديداكتيكي، وتخطيط التعلمات، مقابل المنهاج الضمني، وسمات الشعر؛ خاصة المكون الإيقاعي في الشعر الحديث، موظفا منهجا وصفيا استقرائيا مقارنا؛
وتواصلت فعاليات الدورة الرابعة لملتقيات الشعر الجهوية، في المساء بفضاء الثقافي لفندق حمزة، بتنظيم معرض لمنشورات دائرة الثقافة في حكومة الشارقة ودار الشعر بمراكش، وكرمت الدورة الرابعة أحد الوجوه الشعرية والثقافية بجهة كلميم وادنون، ويتعلق الأمر بالناقد إدريس الناقوري، صاحب المصطلح المشترك: دراسات في الأدب المغربي المعاصر الصادر نهاية سبعينيات القرن الماضي، والباحثة في مجال الشعر والثقافة والأدب، العزة بيروك، وبحضور السيد المدير الجهوي لقطاع الثقافة جهة كلميم واد نون الأستاذ عمر بنسعيد، ووجوه تنتمي الى عالم الثقافة والإعلام والفن.
وانطلقت فعاليات القراءات الشعرية بقراءة نداء الشاعر للدورة الرابعة لملتقيات الشعر الجهوية، وهو النداء الذي خطه الشاعر اسماعيل هموني أحد أبرز الأصوات الشعرية في الجهة. ومنها نقرأ: “للشاعر أن يعبر؛ ومعه قلبه؛ إلى العابرين؛ لا إلى المقيمين . هناك ؛ في البعيد القصي يرى التاريخ أسيرا؛ عليه أن يحرره من شروده؛ أن يعيده إلى شريعة الحب. لم يكن الشعر كبرياء تناطح الضوء؛ بل هو حياة مجيدة تقيم في الغموض الشفيف. رحابها النشوة؛ وتفاصيلها أباريق عشق تجوهرت في اليقين الملفوف في الخطايا؛ وترهات الليل . هو الشاعر الهادر؛ في الأساطير يسمعه الله ؛ وتفتح الملائكة أسماعها للرقص. كل كلماته مسافات من النور غميسة داء الأحبة. حين يفتح الليل طريقه إلى الجنة؛ يعطي الشاعر مفاتيح البشرى ؛ يخول له الفردوس بلا خطيئة ؛ ويقول للنعائم : “كوني سجادة الشعر؛ وتراتيل الشاعر”. من يعبر إليه الشاعر يهامسه الحلم مرتين: مرة ؛ خارج الزمن ليكون ناي السعادة. ومرة ؛ فوق الطواغيت ليكون عرس الأطفال الذي يملأ الدنيا : حكمة ؛ وجنونا ؛ وخلودا. أيها الشاعر ؛ تأهب للفرح ؛ وافتح قلب الإنسان على نعيم الشعر..”
والى جانب افتتاح معرض خاص بالإصدارات الشعرية والنقدية لمنشورات دائرة الثقافة في الشارقة التقى عشاق الشعر ديوان شعري مصغر لنخبة من شعراء الجهة، ضمن احتفاء بمختلف الحساسيات والأجيال. وهكذا شارك ضمن فقرة “مؤانسات شعرية”، الشعراء: حميد الشمسدي، اسماعيل هموني، خديجة بلوش، هشام الدللوري. وتواصلت الفعاليات بإلقاء كلمتي اليونيسكو وبيت الشعر في المغرب، والتي حملت توقيع الشاعر الإيطالي الكبير جوسيبي كونتي، فيما احتفت فقرة “سحر لغنا” بمشاركة الشعراء: الطاهر لخنيبيلا، محمد الغيث اكين، أحمد محمود باهنين، العالية طوير. وقدم الفنان أيوب بوشان ومصطفى أكادر بعضا من مقاطع تراثية حسانية روحانية. فيما احتفت فقرة “توقيعات” بإصدارات الشعراء حمزة ابن وعبداللطيف الصافي وهشام الدوللوري، ديوان “ترنيمتان للصحراء” والصادر عن منشورات دائرة الثقافة في حكومة الشارقة وديواني “ثلاث مقامات من سيرة الوجع” و”المشاء”.