زيارة غانتس لواشنطن اختبار للعلاقة بين إدارة بايدن ونتنياهو

يزور العضو البارز في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس واشنطن للاجتماع مع نائبة الرئيس ومسؤولين آخرين ومناقشة “وقف مؤقت للنار” والمساعدات الإنسانية لغزة. بيد أن هذه الزيارة تثير الكثير من اللغط في إسرائيل، لماذا؟

يحكي بيني غانتس عضو حكومة الحرب الإسرائيلية الذي يزور واشنطن الاثنين (الرابع من مارس 2024) قصة عن خضوع والدته وهي إحدى الناجيات من المحرقة النازية لعملية جراحية في ألمانيا، وكان الطبيب الذي أجراها فلسطينياً من قطاع غزة.

تجسد القصة حالة للأمل في تحقيق المصالحة. هذا الأمل يحفز المتفائلين في الشرق الأوسط، رغم أنه تعرض لاختبار قاس خلال الحرب مع قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وهو اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل.

نتنياهو وغانتس: تقاطع وتباين

انضم غانتس (64 عاما) الذي يتزعم حزباً وسطياً إلى حكومة الطوارئ التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي في العام الماضي. ويقول إن حقيقة أنه كان على استعداد للانضمام إلى حكومة وحدة مع نتنياهو الذي ينتمي لليمين وحلفائه القوميين المنتمين لأحزاب دينية تكشف حجم الأزمة التي تعيشها إسرائيل.

وكان قد قال لمجموعة من الصحفيين في مؤتمر صحفي في العام الماضي إن « هذه ليست شراكة سياسية بالنسبة لي »، مضيفاً أن 10 أفراد من عائلته انضموا إلى وحداتهم في الجيش في أكبر عملية استدعاء لجنود الاحتياط منذ سنوات. وتابع غانتس قائلاً: « من المستحيل أن أقف موقف المتفرج وأسعى لمصالح سياسية في مثل هذه الظروف ».

وانضم غانتس إلى نتنياهو لفترة قصيرة في عام 2020 لتشكيل حكومة خلال جائحة كوفيد-19 كان من المفترض أن يتناوبا على رئاستها قبل انهيار ائتلافهما.

ومع ذلك، فللسياسة قواعد تمكنهم من إعادة ترسيخ الأدوار، وسلطت زيارة غانتس إلى واشنطن هذا الأسبوع حيث يلتقي نائبة الرئيس كاملا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن الضوء على التنافس الذي لم ينته أبدا بين نتنياهو وشريكه المتبرم.

ورغم القلق الدولي بشأن ارتفاع عدد القتلى في غزة، فمن غير المرجح أن ينحرف غانتس الذي يتخذ موقفاً متشدداً بشأن أهداف الحرب الإسرائيلية مع حماس مثل نتنياهو عن مسار الحكومة المتمثل في مواصلة الحرب حتى القضاء على الحركة وإعادة أكثر من 130 رهينة.

« عاصفة »

لكن حقيقة أنه هو، غانتس، وليس نتنياهو من يزور واشنطن أحدثت عاصفة. وتوترت علاقات نتنياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن لدرجة أنه بعد مرور أكثر من عام على توليه منصبه لم يتلق دعوة لزيارة واشنطن حتى الآن.

وقال صحفيون لم يُكشف عن أسمائهم لوسائل إعلام إسرائيلية « لا يوجد سوى رئيس وزراء واحد »، وذكرت وسائل الإعلام أن نتنياهو منع سفير إسرائيل في الولايات المتحدة من تأييد الزيارة.

ورغم أن الصدمة الناجمة عن هجوم السابع من أكتوبر علقت اتباع القواعد السياسية المعتادة، فإن نتنياهو يواجه غضب غالبية الإسرائيليين الذين يحملونه مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي مكنت حماس من تنفيذ الهجوم المدمر الذي أودى بحياة نحو 1200 شخص، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.

وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب الوحدة الوطنية بزعامة غانتس هو المرشح الأوفر حظا لاحتلال الصدارة في أي انتخابات تجرى اليوم. وبحسب استطلاع رأي أجرته القناة 13 اليوم الاثنين، يرى أغلبية الناخبين أن دافع نتنياهو الرئيسي لمواصلة الحرب هو بقاؤه السياسي.

صراعات داخل حكومة الحرب

واصطدم غانتس، وهو معارض قوي لمساعي نتنياهو لإصلاح السلطة القضائية التي هددت بتمزيق إسرائيل العام الماضي، بشكل متكرر مع الشركاء من اليمين المتشدد، بما في ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وفي بعض الأحيان مع رئيس الوزراء نفسه.

وإلى جانب وزير الدفاع يوآف غالانت، العضو الرئيسي الآخر في حكومة الحرب، وغادي آيزينكوت، وهو جنرال سابق آخر من تيار الوسط، يدافع غانتس عن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية ضد هجمات حلفاء نتنياهو. ويقول المنتقدون إن مثل هذه الهجمات هي وسيلة لصرف الانتقادات عن رئيس الوزراء نفسه.

وغانتس هو جندي مظلي سابق قاد وحدة النخبة شالداغ، وقضى معظم حياته المهنية في الجيش. وأشرف، بصفته رئيساً لأركان الجيش في عام 2012، على عملية استمرت ثمانية أيام في قطاع غزة بدأت بمقتل قائد الجناح العسكري لحركة حماس في غزة.

وكانت هذه العملية جزءاً من سلسلة من المواجهات المحدودة إلى حد ما بين إسرائيل وحماس، والتي شكلت علاقة إسرائيل مع الفلسطينيين منذ استولت الحركة على السلطة في غزة بعد حرب قصيرة مع حركة فتح في عام 2007.

لكن الحرب الحالية التي بدأت في السابع من أكتوبر ، عندما اخترق مسلحو حماس، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية، السياج الأمني المحيط بغزة وهاجموا بلدات وقرى إسرائيلية في الجنوب، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية، واحتجاز حوالي 240 كرهائن.

وردت إسرائيل بحملة عسكرية أسفرت عن مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، وفقاً للسلطات الصحية التابعة لحماس، مما أثار قلقاً متزايداً حتى من حلفائها الأقوياء مثل الولايات المتحدة.

وبينما يصر غانتس مثل أي زعيم آخر في إسرائيل على أن الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا بعد تدمير حماس، إلا أنه أكثر انفتاحاً على الحوار مع الفلسطينيين من نتنياهو وحلفائه من حركة الاستيطان مثل سموتريش أو وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير.

ومع تزايد الضغوط الأمريكية والدولية من أجل إحياء الجهود الرامية للتوصل إلى حل الدولتين، فإن استعداد غانتس للتفكير في نهاية سياسية للصراع قد يجعله شريكاً أسهل في التعامل معه من نتنياهو، الذي طالما تفاخر بمقاومته لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ويقول غانتس إنه أخبر ذات مرة محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية البالغ من العمر 87 عاماً، المكروه بشدة من عدد من القادة الإسرائيليين، أن كل واحد منهم بلا شك يحلم باختفاء الآخر. وأكمل « لكننا نحن الاثنين موجودون هنا. وهذا لن يتغير ».

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد