“ورطة” ترامب وهاريس.. صراع الشرق الأوسط يؤجج الانتخابات الأمريكية

الولايات المتحدة طرف يتمتع بنفوذ كبير في الشرق الأوسط، لكنها تشهد مناقشات حادة على خلفية الحرب في غزة والمعارك بجنوب لبنان. فما تأثير توترات الشرق الأوسط ونيران معاركه على الانتخابات الأمريكية؟

مازالت منطقة الشرق الأوسط تئن تحت وطأة توترات متصاعدة منذ هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر العام الماضي. ولم تكن الولايات المتحدة بمنأى عن تداعيات الحرب في غزة ثم العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان.

ويعزا ذلك إلى كون الولايات المتحدة تتمتع بنفوذ جيوسياسي كبير في الشرق الأوسط يعود لعقود ماضية، فضلاً عن قدرتها على التأثير على إسرائيل باعتبارها الحليف الأوثق لها.

يتزامن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط مع اشتداد التنافس بين نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، المرشّحة الديموقراطية لانتخابات البيت الأبيض، والرئيس السابق، مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب.

ويقول خبراء إنه عندما يدلى الناخبون الأمريكيون بأصواتهم، فإن نتيجة الانتخابات ستؤثر بشكل كبير على الشرق الأوسط.

هاريس.. « تأثير سلبي »

ويرى أحمد محارم، الصحافي والكاتب السياسي المقيم في الولايات المتحدة، أن الصراع في الشرق الأوسط « تسبب في تأثير سلبي على معسكر هاريس لعدم قدرة ادارة الرئيس جو بايدن على وقف الحرب على قطاع غزة ». وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف محارم أنه « رغم أن هناك الكثير من الأصوات المعارضة للحرب في الداخل الأمريكي، إلا أن إدارة بايدن تمادت في تزويد إسرائيل بأنواع من الأسلحة الخطيرة ».

وقد دعت هاريس في عدة مرات إلى وقف لإطلاق النار في غزة يمهد الطريق أمام إطلاق سراح الرهائن الذين اختطفتهم حماس والسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع.

وقالت صحيفة « واشنطن بوست » في تقرير الخميس (17 أكتوبر 2024) إن تصاعد القتال في غزة ولبنان يمثل « نقطة ضعف » في حملة هاريس الرئاسية. وأضافت الصحيفة أن التطورات المتسارعة في جنوب لبنان تسببت » في إرباك إدارة بايدن، مما دفع الولايات المتحدة في البداية إلى الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان، لتتراجع عن هذه السياسة بعد تسعة أيام لتعلن تأييدها العلني للعمليات البرية الإسرائيلية ».

وقالت الصحيفة إن حملة هاريس ترى أن استمرار العنف يعقد « طريقها إلى النصر في الولايات المتأرجحة الرئيسية التي تضم أعداداً كبيرة من الناخبين العرب والمسلمين ».

ويتفق في هذا الرأي المحلل السياسي المقيم في الولايات المتحدة محمد السطوحي، قائلاً: « عجز بايدن عن تهدئة الوضع قد يؤدي في النهاية إلى مشاكل لهاريس ». وفي حديثه إلى DW عربية، أضاف السطوحي: « مع تفاقم الصراع شمالاً مع لبنان والمخاوف من اندلاع حرب إقليمية في أي وقت وسط التوترات العالية مع إيران، تعاني هاريس أيضاً من تراجع الدعم بين العرب والمسلمين الأمريكيين خاصة بميشيغان وهي ولاية متأرجحة مهمة ».

ترامب.. الحرب « حجر عثرة »

يرفض المرشح الجمهوري دونالد ترامب بشكل ضمني الخروج بتصريحات مفصلة حيال تصوره عن كيفية إنهاء الحرب في غزة في محاولة من حملته لتفادي خسارة أصوات أنصاره الجمهوريين من جهة وأيضاً لتنجب تعرضه لأي انتقادات من حملة هاريس من جهة أخرى.

وفي ذلك، قال المحلل السياسي أحمد محارم إن ترامب « يدعى قدرته على انهاء الحرب بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض ويفخر بأنه لم تحدث أي حرب خلال رئاسته الأولى، لكن العجيب في الأمر أنه يقول للمسؤولين الإسرائيليين انهوا المهمة والتفاصيل تكون لاحقاً ».

وقال ترامب إنه « الرئيس الأكثر تأييداً لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة » وفقا لمنشور نشره على منصته الخاصة « تروث سوشيال ».

ومع استمرار الحرب في غزة، دعا ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى « إنهاء سريع للحرب بين إسرائيل وحماس، » قائلاً إن إسرائيل « تخسر حرب العلاقات العامة » بسبب الصور يشاهدها العالم من غزة.

وفي مقابلة مع DW، قال بيتر لينتل، الباحث المتخصص في شؤون أفريقيا والشرق الأوسط بمعهد دراسات الشؤون الأمنية والدولية في برلين، (SWP): « من المؤكد أن ترامب سيستمر في التواصل مع إسرائيل ومن الممكن أيضا أن تعود خططه لإنهاء الصراع الحالي بالنفع على إسرائيل إلى حد كبير ». بيد أن الباحث نوه إلى أن الحرب قد « تكون بمثابة حجر عثرة حقيقي بالنسبة لترامب. وبالتالي، قد يضغط على نتنياهو لإنهائها أكثر بكثير مما تمكن [الرئيس جو] بايدن من القيام به خلال الأشهر القليلة الماضية ».

هاريس وترامب.. ما الفارق؟

وأعلنت إسرائيل الخميس (17 أكتوبر 2024) تصفية زعيم حركة حماس يحيى السنوار في عملية بجنوب قطاع غزة قبل يوم من ذلك. ويرى خبراء أن مقتل السنوار (62 عاماً) يشكل حدثاً محورياً في الحرب التي دخلت عامها الثاني.

وأشار الخبراء إلى أن هناك عدد من الاحتمالات للمستقبل، لكن نتنياهو قال إن الحرب ستستمر.

في المقابل، حذر البعض من أن مقتل السنوار قد يؤدي إلى تصعيد التوتر في الشرق الأوسط حيث تتزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع الإقليمي. وشنت إسرائيل حملة برية في لبنان الشهر الماضي، بينما تعتزم الآن الرد على هجوم صاروخي نفذته إيران في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.

ويعتقد الباحث السياسي المتخصص في الشأن الأمريكي، محمد السطوحي، أن نتنياهو « لن يقبل بوقف لإطلاق النار قبل الانتخابات الأمريكية ». وأضاف « الفارق الكبير بين ترامب وهاريس، في اعتقادي، سيكون بعد وقف إطلاق النار خاصة ما يتعلق بالترتيبات الأمنية والإقليمية التي يريد الإسرائيليون إعادة تشكيلها وصياغتها ».

ويشار أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

دوتشي فيليه
تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد