بعمر السادسة عشرة، بدأ لامين جمال بشقّ مسار المجد، عندما أصبح أصغر مسجّل في تاريخ كأس أوروبا لكرة القدم وقاد إسبانيا إلى الفوز على فرنسا في نصف النهائي
قبل تسجيل لامين جمال (يامال) هدفه الرائع في مرمى فرنسا، مساء الثلاثاء (9 يوليوز)، انتشرت صورة لميسي يحمل طفلاً رضيعاً خلال جلسة تصوير عام 2007 في ملعب كامب نو، عندما كان الفتى الأرجنتيني في بداية مسيرته المتألقة مع برشلونة بموهبته النادرة. لم يكن هذا الطفل البالغ من العمر نصف عام سوى لامين جمال (الأمين جمال أو لامين يامال).
وقد أعاد والده منير نشر الصورة الأسبوع الماضي على انستغرام معلّقا عليها « بداية أسطورتَين ». التُقطت الصورة بعد أن أجرت اليونيسيف يانصيباً في ماتارو، حيث كانت تعيش عائلة اللاعب المغربي الجذور.
وعلى غرار ميسي القادم إلى برشلونة بعمر الثالثة عشرة، انضمّ جمال إلى أكاديمية لا ماسيا الشهيرة منذ نعومة أظفاره، وبدأ بتحطيم الأرقام القياسية نظراً لتفجّر موهبته في سن صغيرة. وكما ميسي الأعسر، يشقّ طريقه على الرواق الأيمن، يطلق الكرات اللولبية في الزوايا القاتلة ويلعب التمريرات المقشّرة لزملائه، وبعد أن هزّ شباك فرنسا بتسديدة رائعة متلاعبا بأدريان رابيو، أصبح جمال أصغر لاعب يسجّل في تاريخ البطولة القارية، بعمر 16 عاما و362 يوما.
وقارنت الصحف المحلية هدف جمال بهدف آخر سجله هو نفسه بطريقة مماثلة أمام فرنسا قبل سنة في كأس أوروبا تحت 17 سنة. ويريد لاعب برشلونة المزيد وقال: « كما قلنا منذ اليوم الأوّل، هدفنا هو الفوز بكأس أوروبا. سنقوم بكل شيء لجلب الكأس إلى إسبانيا ».
وأشاد به زميله لاعب الوسط رودري « أنا فخور جداً بلامين. الناس ستذكر الظهور الرائع لهذا الفتى البالغ 16 عاماً ». وتابع نجم مانشستر سيتي الإنجليزي: « ينتظره مستقبل رائع، لكني هنأته لالتزامه الدفاعي، مباراته الكاملة تقريباً والمساعدة المستمرّة التي قدّمها.. تُرفع له القبعة حقاً ».
المقارنات تنهال
وانهالت المقارنات بين لامين جمال (1.78 م) وقدوته ليونيل ميسي (1.70 م)، القادرَين على مراوغة الخصوم دون مجهود كبير، لكن اليافع جمال رفض المقارنة، وقال: « هو أفضل لاعب في التاريخ والمقارنة معه لا تُصدّق. لا يمكن تشبيهه بأي لاعب آخر، خصوصاً أنا الذي بدأت مسيرتي للتو. أتمنى تحقيق نصف إنجازاته ».
وكتبت صحيفة « سبورت » الكاتالونية « دعونا لا نخاف من مقارنته بليونيل ميسي.. لا يزال على بعد سنوات ضوئية (من ميسي) وصحيح أنه لا يزال في مهده، لكن بعمر السادسة عشرة تشير موهبته إلى أنه سيكون من العظماء ».
من جهتها، كتبت « أس » بالفرنسية عن اللاعب الذي أكمل امتحاناته المدرسية خلال كأس أوروبا « مساء الخير، اسمي لامين جمال وسأكتب التاريخ ».
وبحسب وكالة أوبتا للاحصائيات، فان اللاعبَين الوحيدين في آخر مونديال وكأس أوروبا الحالية صنعا أكثر من 15 فرصة و15 تسديدة و15 مراوغة، هما ميسي بطل العالم 2022 مع الأرجنتين وجمال الذي تأهلت بلاده لملاقاة الفائز بين إنجلترا وهولندا في نهائي أمم أوروبا الأحد المقبل في برلين.
وسيكون جمال، المولود في 13 يوليوز 2007 لوالد مغربي وأم من غينيا الاستوائية، قد بلغ السابعة عشرة. وطلب الشاب من والدته « عدم تقديم أي هدية في عيد ميلادي، مجرّد التواجد في النهائي والفوز به هو شيء كبير ».
تتويج سيكون الأوّل مع منتخب بلاده، بعد إحرازه لقب الدوري الإسباني مع برشلونة في 2023، ما يضعه على خريطة الواعدين القادرين على رسم مسيرة زاخرة.
البداية رائعة.. ولكن الاستمرارية هي المهمة
لم تسنح الفرصة لجمال وميسي باللعب في فريق واحد، وقد انطفأت مسيرة الكثير من الشبان الموهوبين بعد بدايات واعدة، ما يثير شكوكا حيال مواصلة صعوده في المستقبل. لكن جمال « عبقري » بحسب مدرّبه لويس دي لا فوينتي: « لقد رأينا عبقرياً.. هو لاعب يجب أن نعتني به. عليّ تقديم المشورة له كي يتابع العمل بتواضع ويُبقي قدميه على الأرض ».
وقال النجم الألماني السابق لوتار ماتيوس « مارادونا، ميسي والآن جمال ». فيما رأى الهداف التاريخي للمنتخب الإسباني دافيد فيا أنه « لاعب فريد.. لا حدود » لقدراته.
ومدّد برشلونة عقد جمال حتى 2026 مع بند جزائي بقيمة مليار يورو، في ظل تقارير عن سعي صفوة الأندية الأوروبية لضمّه ومنحه الرقم 10 الشهير. لكن المحطة الأهم لجمال بعد عيد ميلاده السبت، ستكون النهائي الأوّل الكبير في مسيرة تحمل جينات البرغوث الأرجنتيني القريب من الاعتزال.